فباستخدام نوع خاص من أجهزة البحث و التي تسمى المعجلات الجسيمية (المسرعات)، و هي التي تعمل على تسريع بعض الجسيمات الأولية (كالالكترونات التي تشكل جزءا من الذرة، أو البروتونات التي تشكل جزءا من نواتها)، يقوم العلماء بفحص طبقات بعض القطع و اللوحات الفنية، ليخروجوا بنتائج توثيقية.
فعلى سبيل التمثيل، اكتشف العلماء أن الأفغان كانوا قد سبقوا الأوروبيين في استخدام الزيت لغرض الرسم. و قد كان الاعتقاد السائد أن الأخيرين هم أول من رسم اللوحات الزيتية، و استمر هذا الاعتقاد لمئات السنين.
غير أن دراسات العلماء لقطع فنية أفغانية كانت موجودة في كهوف خالية تقبع خلف تمثالي بوذا اللذين فجرتهما طالبان في العام ٢٠٠١م، أدت من خلال فحص تلك القطع التي تعود إلى منتصف القرن السابع الميلادي إلى تبيان تلك الحقيقة.
و كان مجموعة من العلماء من اليابان تلتهم مجموعة من العلماء الأوروبيين، قد فحصوا تلك العينات باستخدام الأشعة الصادرة من المعجلات الدائرية (السنكروترون Synchrotron)، و تلك الأشعة تتفاوت ما بين أشعة تحت حمراء و أشعة سينية، مما مكن العلماء من دراسة طبقات القطعة الفنية لأجزاء أصغر من السنتي متر بعشرة آلاف مرة (أو جزء من المليون من المتر، أو ما يسمى بالميكرومتر).
و في شأن فني آخر، أثبت بعض الفيزيائيين من فرنسا أصالة تسعة أعمال فنية (من أصل سبعين) منسوبة إلى الرسام الشهير فان جوخ Van Gogh، و ذلك بعد أن شك بعض المهتمين بشأن الفن بأنها مزيفة و مقلدة. و قد استخدموا طرقا أخرى غير المجلات الدائرية المذكورة آنفا، و هي ما يعرف بتقنية الميكروفلوريسيت حيث يدرس العلماء طيف الضوء المنعكس عن اللوحة بعد تعريضها لأشعة أكس (السينية)، فيتمكنوا بذلك من معرفة المواد المستخدمة في رسم اللوحة، و هو ما وافق نوع المواد التي كانت تستخدم في عصر فان جوخ.
و أخيرا، و في شأن آخر و لكن للرسام “فان جوخ” نفسه، فقد كان يعرف عنه أنه رسم بعض أعماله فوق أعمال أخرى بسبب عدم اقتناعه بالأخيرة. و باستخدام التقنية المعجلات الدائرية و الأشعة السينية و لكن بطرق تقنية محدثة؛ استطاع علماء من هولندا و بلجيكا أن يظهروا تفاصيل رسمة تصويرية لوجه امرأة اختبأت تحت إحدى أشهر لوحات “فان جوخ” و التي تعرف بـ”رقعة العشب Patch of Grass”.
هذا غيض من فيض كما يقال، عن الدور الذي يأخذه علم الفيزياء و وسائله و تقنياته في عالم الفن. و أترك لكم تأمل ما سبق!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق